الجمعة، 3 يونيو 2011

ائتلاف للثورة ام اتلاف للثورة

قبل ان ابدأ اود ان اضع اساس لما يلي من كلمات فيما اكتبه هنا وهو ان ما سأذهب إليه من نقد لإئتلاف شباب الثورة مبعثه الحرص علي استمرار الجيد مما يقومون به ونهاية للسيئ مما يقومون به ايضاً... وطرح لأفكار اري انه قد حان الوقت للتفكير فيها بحيادية.

ان الدور الذي قام به ائتلاف شباب الثورة اثناء الثورة لا استطيع ان اضعه في خانة التفوق او التميز عن باقي المشاركين في الثورة من غير ائتلاف شباب الثورة.... وهذه نقطة مبدئية اساسية ايضاً، فلا أحد يستطيع انتزاع لنفسه شرعية الثورة إلا جموع الشعب التي رفضت فغضبت فخرجت فغيرت... ولعل هذا احد الاسباب الرئيسية في نجاح الثورة، ولعل لهذا الحديث مقام آخر في وقت قادم.

من هنا يجب ان ننطلق بالتفكير، في امر غاية في الأهمية والخطورة، وقد سمعته من اشخاص مختلفين في الإئتلاف، يدور حول ان شرعيتهم مستمدة من انهم وجهوا الدعوة للثورة... وهذا خطأ فادح اتمني عليهم ان يراجعوا انفسهم فيه بصدق، فما تم الدعوة له كان يوم ٢٥ يناير وكان له تصور وشكل يختلف عن تطور الأحداث علي الأرض بفعل العمل الجمعي الذي ضم كل فئات الشعب. فتصوير الأمر علي انهم وجهوا دعوة استجاب لها الشعب ونزل ثائراً يغير، هذا غير صحيح جملة وتفصيلاً. كذلك ان مجرد تصور ان الثورة انطلقت استجابة لنداء وجهوه لهو امر مستفز بمجرد التفكير في منطقه، فمن الذي يستطيع ان ينكر ادوار النشطاء في الشارع من سنوات كثيرة، وانهم ومع كتاب شرفاء ساهموا في رفع سقف الحرية (لم يمنحها مبارك بل انتزعناها) وخفض حاجز الخوف وصولاً للحظة الإنفجار.

ولحسم هذه النقطة دعوني اطرح سؤال عكسي، هل لو وجه ائتلاف شباب الثورة نداء للناس في التحرير لفض الإعتصام والعودة للبيوت واخلاء الميدان، هل كان هناك من سيستجيب لهم؟؟؟؟؟

فلو هذا هو اطار الشرعية التي يتحركون بها الأن فهناك سؤال واجب الطرح، وهو هل يصلح الإئتلاف الآن؟ اقصد ان ظهور الإئتلاف بقوة اثناء الثورة كان بسبب تكوينه السريع، ومن اطياف سياسية تحمل كل منها مرجعية مختلفة، ولكنها توحدت حول مطالب هي محل اجماع، مطالب لم يضعوها هم بل وضعها كل واقف ثائر في الميدان، فالإجماع كان علي المطالب وليس علي من تكلم بهذه المطالب، وتلك نقطة جوهرية تختلف اختلافاً كاملاً عن الوضع الأن. فلقد انتقلوا الأن بحمل مطالب سياسية محل خلاف واسع بين الأطياف، مثل تأجيل الإنتخابات من عدمه، مثل ترتيب الإنتقال للشرعية من عدمه، مثل تصويتهم في الاستفتاء الذي جاء عكس الإرادة الشعبية ولازالوا يصرون عليه (وهذا الموقف اراه وصمة لمن يريد ان يتحدث باسم الشعب وهو يخالف اغلبيته).

اذا فقد انتقلوا بوهم شرعية غير ممنوحة لهم ليتصرفوا بها من خلال اسم يوحي بصورة ذهنية تختلف عن واقع الأمور، ليتحدثوا باسم شعب وثورة هم اصلاً اختياراتهم السياسية تختلف عن اختياره.....

لننتقل الأن الي مجموعة من تصرفاتهم والتي دفعتني لما اكتبه الأن واطرحه عليكم، فلقد بدأوا يتصرفوا بمنطق انهم هم الذين يديرون الدولة، ولا اخفي ايضاً ان بعضهم صرح بتلك العقلية مع بعض الأشخاص الذين اثق بهم كثيراً، وان لم يحدثني هو بذلك صراحة فإن تصرافتهم تدل علي هذه العقلية دون حاجتي لحديث قد اخبرت به واعلم صدقه.

السادة اعضاء الإئتلاف كثير منهم (لا اريد التعميم المطلق ولكن الكثير هنا تعني الأصل وتعني الأغلبية) يتعاملون بصورة مستفزة يغلفها التعالي والسلوك المتكبر في اغلب ما يحضرونه من لجان او اجتماعات او مقابلات، وكأنهم هم الوحيدون الثأرون او كأن الثورة هي عنوانهم هم حصرياً، هذا لدرجة اني اصبحت اشك ان تصديرهم في مقدمة المشهد اعلامياً هو جزء من محاربة الثورة حيث ان سلوكهم كفيل بإحداث حالة من نفور الناس من الثورة وممن ينتمي اليها... كيف؟ سأحدثكم.

في احد الاجتماعات التي احضرها، كان من ضمن الحضور شباب من الإئتلاف، واذا بهم في وسط تحدث المشاركون وفق ترتيب حدده رئيس الإجتماع في البداية، يأخذ احدهم الكلمة دون حتي استئذان من رئيس الجلسة (الذي هو يعتبر من الشخصيات الوطنية والعلمية الكبيرة)، وذلك بحجة ان لديهم موعد وليس لديهم وقت وان الإجتماع قد بدأ متأخر عن الوقت المحدد وكانوا يتصورون انتهائه ولكنه طال!!! ثم دخلوا في سجال بغيض مع الحضور (جلهم لهو تاريخ وطني وعمل شعبي يفوق اعمارهم) كاد يصل الي حد الإهانة للجميع.... استفزني الأمر كثيراً، وفي اليوم التالي كنت علي موعد مع احد الوزراء الذي تربطني به علاقة عمل طويلة قبل توليه الوزارة وكذلك ود كبير، وهو رجل اكاديمي بارز ومشهود له، فأسررت له بما حدث، فإذا به يحدثني عن موقف حدث له شخصيا، حيث جائه احد الشباب وعرفه بنفسه وانه من الإئتلاف، وان الشاب اخبره امام من الناس الملتفة حولهم انه ينوي زيارته قريبا في الوزارة لأمر هام، فإذا بالوزير يسأله خيرا هل هناك مشاكل يصادفها، فإذا به يرتب علي كتف الوزير (الذي هو في الحد الأدني بعمر والده) ويقول له ليس هناك مشاكل، فقط اريد ان اطمئن علي سير العمل واحوال الوزارة!!!!! غير ما ذكرت الكثير والكثير بعضه عايشته بنفسي منهم وبعضه سمعته من آخرين تولد لديهم ضجر كبير مما يفعلونه.


إذاً، هل هناك مغزى الآن لوجود الإئتلاف بهذه الصورة؟ هذا السؤال اطرحه، لأن المطالب التي عليها اجماع لم تعد الأن مطروحة، ونحن ننطلق لمرحلة تتعدد فيها الإختيارات وفق المرجعيات الفكرية والسياسية، فأي مرجعية هم يمثلون؟ وان رفعهم لواء مرجعية يعطي نوع من فرض رأيهم السياسي (الذي ينتمي لمرجعيتهم السياسية والتي ليست محل اجماع بالقطع) بشرعية ثورية لا يمتلكونها!!!!


اري -في كثير من مواقفهم- انني اقف اما اعضاء لجنة سياسات جديدة، او مركز قوة ينشأ ويكبر ويتوسع في نفوذه، وهذه فكرة بغيضة للغاية. وقد حثني احد الأصدقاء ان اقوم بكتابة التفاصيل بالأسماء، ولكني عرضت عليه وجهة نظري التي تقوم علي فكرة ان تصديرهم في مقدمة المشهد بهذه الصورة ليست عفوية، فمن يجلس مع احدهم لمرة واحدة يفهم ما اعنيه، فهذا التصدير الإعلامي لهم كفيل بإتلاف الثورة علي يد من يدعي انه ائتلافها. كذلك لا اريد ان يتحول الأمر لخناقة بين من تشاركوا ارض الميدان سوياً، وتوحدوا تحت نفس المطالب سوياً، وتعرضوا لنفس الخطر بنفس المقدار سوياً. فلا لتفتيت الصف حتي لو خرج البعض عنه مؤقتاً فإني كلي ثقة بأنه سيعود لنفس الصف وبسلوك الصف الواحد.